أسامة
الجارد
ثورة فبـ17ـــراير.. حافلة بالإعمال والعبر .. قدمت من الخير ما لا ينسى..
ومن الشهداء ما لا يجوز أن ينسى .. ما جعلني أكتب هذه الأسطر إلا لفيض غمرني من
الذكريات الأسيفة في هذه الثورة .. في زحمة الذكريات والخواطر حول بدايات
الثورة في مدينة شحات، وفي عز الحديث عنها نتذكر شموعا مشرقة أضاءت
سماءنا وقمماً أبدعت في فعل الاستقلال وبقي مكانها شاغراً اليوم رغم خلودها
في الذاكرة الجماعية لكل سكان المدينة شخصيات غابت عن الذكرى لكنها حضرت رغم الغياب
لتؤكد أن الاستقلال بدونها استقلال بلا نكهة نتذكر هذه القمم فنبكي حزنا لفراقها،
ونرقص طرباً لأننا ننتمي اليها، نستحضرهم فنموت خجلا لأننا لم نوفهم حقهم.. سأحاول
سرد بدايات ثورة فبراير في مدينة شحات.. بشيء من الإيجاز من دون الغوص في مسائل
كثيرة! من دون أسٌطرة المدينة (إضفاء طابع أسطوري عليها) فهو يوم تاريخي
ويوم مفصلي في حياة المدينة... فالتاريخ سيقول كلمته في وقته وبأسلوبه
في حق هذه المدينة.. وليس من السهل التحدث عن كل ما حدث في ثورة
فبراير في المدينة في ضني لأنه يحتاج إلى أكثر من مجلد.. وربما سيكون لسان حال الكاميرات
أصدق حال من لسان المقال.. أدركت في ذلك اليوم أن ما حدث سيعصف بنظام قوي يمسك بكل
صغيرة وكبيرة في البلاد منذ ما يزيد من أربعة عقود.. وأدركت أيضا في ذلك اليوم
الذي بدأ فيها التجمهر على جزيرة دوران شحات (قلب المدينة) أن الشعب قد ودع عصر
الجندي البدوي المتكبٌر الذي يعافُ الديمقراطية ويكره الحوار.. ولعلها مناسبة
طبيعية لمن شاء الحديث عن ثورة فبـ17ـــراير أن يتحدث عن ضحايا عُذبوا وسُجنوا من المدينة إبان
حكم العقيد وعلى مدى أعوام حتى ثورة فبـ17ـــراير وذلك لابد لنا من الحديث عنهم حتى لا نبخس حقهم فكان
هدف نضالهم غاية أولى ... ألا وهي الحرية ..
* * *
منذ أربعة عقود تعود بنا الذكريات إلى أيام
الانتفاضة الأولى العظيمة التي صنعت الرجال، وصقلت الخبرات كانت أيام محنةٍ
وابتلاء، وفترات مقاومةٍ ونضال ضد النظام، أبلى فيها أبناء مدينة شحات
بلاءاً حسناً فقد دفع قبل ثورة فبـ17ـــراير من مدينة شحات ومنذ بداية انقلاب سبتمبر المشؤوم
على يد مجموعة من أبناءها الضباط في التخطيط لعملية انقلاب عسكري على العقيد قادها
كل من: عبد الونيس محمود الحاسي وعبد الكريم بالحاج الحاسي وأحمد السنوسي الحاسي وادم
حمد الحاسي وموسى أحمد الحاسي وانتهت مأساتهم بالسجن يوم 24/12/1969م لمدة ثمانية
عشر عاماً. ليلحق بهم هامة من هامات هذا الزمان في العلم والشريعة والمخترعات
العلمية، الشيخ الدكتور /حسن عثمان أقطيط، أبن شحات وربيب المجاهد أقطيط موسي. بعد
أن تم الإيقاع به فيما يُعرف بقضية (أحمد مصباح الورفلي) عام 1968، والضغط على أبناء
عمه ليتبرؤوا منه. والذي توفي في مهجره في دولة باكستان عام 1996.
* * *
No comments:
Post a Comment